الجمعة، 12 يناير 2018

الحارس في حقل الشوفان The catcher in the Rye



قراءة في رواية الحارس في حقل الشوفان The catcher in the Rye


 
الحارس في حقل الشوفان



    الحارس في حقل الشوفان للكاتب الأمريكي ج.د.سالنجر ترجمة الروائي غالب هلسا، رواية فريدة من نوعها  ترجمت لعدة لغات، لقيت رواجا بين المراهقين وأصبح هولدن رمزا لتمردهم ،صنفت ضمن أدب الغاضبين.  أسلوبها بسيط بساطة حلم هولدن وهو العيش في محيط يسوده النقاء بعيد عن النفاق والزيف.

أبهجتني كثيرا خاصة طريقة السرد،  رغم أن أحداثها عادية لكن سردها متقن بإبداع، غاص الكاتب في عقل مراهق بعمر ال 16 ؛ شيء مذهل أن يستطيع التغلغل في فكره ونقل كل خاطرة ل هولدن كولفيلد  ، ربما أحداث هذه الرواية تدور في حوالي يومين فقط يعبر فيهما هولدن عن اشمئزازه وقرفه من المحيط الذي يعيش فيه أو المجتمع الامريكي بوجه عام ، طرد من المدرسة بسبب رسوبه في أربعة مواد عدا الإنجليزية التي كان بارعا فيها ، يبدي استياءا من كل شيء حوله من زملائه التافهين في نظره الذين يستميتون للفت انتباه الفتيات  ،من المدرسين الحمقى الذين يدعون الحكمة وهم فاقدون لها،من القساوسة الذين يدعون العفة ، جال في شوارع مدينته فلا يدع موقفا إلا وتصيد نفاق من حوله ،إشمئز من إدعائهم ماليس فيهم ومن أقنعتهم التي ماتلبث أن تسقط عنهم وعن إدعائهم لسعادة مزيفة .، فلم تخل صفحة تقريبا من السباب والكلام النابي للمنافقين من محيطه فيسقط عنه مثاليته، سخطه هذا كان موجها لكل البالغين  واستثنى الطفولة و الأطفال الميتين خاصة ،كأخيه الذي توفي صغيرا و شقيقته "بيف" التي يبدي إعجابا بذكاءها وتصرفاتها وحلاوة شخصيتها  ، حالما بمجتمع خير بريء براءة الطفولة لم تدنسه تفاهة البالغين ولا طمعهم ولا الحضارة التي يحجبون دناءتهم خلفها. 

 كثيرا ما ابتسمت وأحيانا أخرى أصابتني نوبة ضحك خلال قراءتي، أتقن الكاتب صناعة الشخصية المشمئزة الحلوة الساخرة والطيبة البريئة في نفس الوقت، وجمع بين التقزز والجمال . لكن الرسالة التي أراد الكاتب إيصالها هو الزيف الذي يعيشه المجتمع الأمريكي وهي نفس الكلمة التي تردد ذكرها كثيرا في كتابه، كما يعالج عدة قضايا كالعلاقات و مشكل الهوية والإنتماء.

في الأخير هولدن ينوي أن يغادر البيت والعيش بعيدا في كوخ قرب الغابة بعيدا عن الجنس البشري غير أن أخته فيب المتعلقة به أرادت مصاحبته  فتخلى عن حلمه ،  واستسلم لحضارة البالغين تلك، لكن الكاتب نفسه حقق ماكان يطمح له هولدن فتخلى حتى عن زوجته وعاش وحيدا في كوخ بالغابة .
أتممت قراءة هذه الرواية الرائعة ولسان حالي يقول ماالذي سيقوله حارس شوفان القرن الواحد والعشرين وعن أي زيف سيتدحث وهل سيسعه مجلد لسرد كل أنواع الزيف الذي نخر مجتمعات هذا القرن .

وددت في الأخير أن أعرف القارئ بهذا الكاتب ، جيروم ديفيد سالينجر Jerome David Salinger من مواليد 1919 ولد بالولايات المتحدة الأمريكية،كان يرتاد المدارس الحكومية، و كان شغوفا بالتمثيل بالرغم من معارضة والده، فمثل في العديد من المسرحيات المدرسية ، بدأ كتابة القصص القصيرة منها في المدرسة الثانوية، إلتحق بجامعة نيويورك، وفي سنة 1951 كانت روايته هذه الحارس في حقل الشوفان التي نجحت نجاحا باهرا، من أعماله أيضا فراني و زووي، يبرز قصص المراهقين في أكثر مؤلفاته هذا ما يفسر تعلقهم بكتاباته لأنه ربما يتحدث عن ألسنتهم فيوصل أفكارهم و تناقضاتها و تحامل البالغين عليهم .توفي  سالينجر  سنة 2010،عن عمر ناهز 91 سنة وكانت وفاته طبيعية.

لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات