كتاب أقوم قيلا للكاتب سلطان موسى الموسى
كتاب وجيز من 222 صفحة ، أصدر عام 2014 لمؤلفه سلطان موسى الموسى الذي يعد أول كتاب له، يعالج قضية الإلحاد والوجود ويناقش بعض القضايا الدينية بأسلوب جد بسيط ، إحتوى الكتاب على 11 فصلا سأتطرق بإيجاز إلى أبرز ما جاء في كل فصل على حدى:
الفصل الأول بعنوان حقيقة وجود الله ، ذكر الكاتب أن الإنسان مجبول على الخضوع لإله وتقديسه وإفراده بالعبادة ، فلم ينفك الإنسان عن البحث عن آلهة إستجابة لنداء الغريزة الفطرية، ومن بين هؤلاء "زرادشت" الذي راجت ديانته في أذربيجان ،إيران وكردستان، والملك السادس لمملكة بابل "حمورابي" الذي تطابقت شريعته تعاليم مع بعض الشرائع السماوية ،و بوذا الرجل الصالح الذي توصل بعقله لوحدانية الخالق ، فلا تزال لحد الساعة بعض من أسماء الآلهة تتداول في أيامنا كرموز وشعارات في مختلف مناحي الحياة كجبل أولومبوس الذي اشتق منه إسم الألعاب الأولومبية ، أثينا إلهة الحكمة سميت على أساسها عاصمة اليونان،أطلس إله الأرض، نايكي إله النصرة وينسب اليه اشهر ماركات الملابس الرياضية،تايتانك ،إريس إله الحرب الذي أطلق اسمه على إحدى سفن النقل الفضائية من قبل وقالة ناسا، والقائمة تطول.
أما الفصل الثاني فكان قراءة في شخصية إبليس لكنها لم تكن بالعميقة ، إستجابة الله تعالى لدعاء إبليس في أن ينظره إلى يوم يبعثون رسالة لبني آدم أن الله لا يستثني أحدا من استجابة دعائه مهما بلغت خطاياه ومعاصيه، كما ذكر الكاتب أن الجنة التي أخرج منها آدم وحواء لم تكن إلا جنة الى الأرض داعما رأيه ببعض الحجج.
زميلتي المسيحية هي ثالث فصل في الكتاب تحدث فيه الخمسينية إيفا أمريكية الأصل زميلته في أحد المستشفيات الحكومية،والتي حاول إقناعها برسالة الإسلام و دحض إدعاءات الإعلام حول الدين الإسلامي والمسلمين ، كان أول ما لفت نظرها بعد قراءة ترجمة للقرآن الكريم هو سورة النساء فعبرت عن صدمتها خاصة عند آيات تعدد الزوجات و توزيع الميراث كما توقفت عند آية تأديب الرجل لزوجته الناشز، فاسترسل الكاتب في ذكر الحجج التي قد تبين لها سوء فهمها لمقصد كتاب الله.
عنون فصله الرابع ب لماذا الله هو الحق من بين الآلهة ؟ فعلى اختلاف الآلهة وجب على الإنسان إعمال عقله للوصول للإله الحق، فاستعرض في هذا الجزء الديانات السماوية بعد مانالها من تحريف وقابليتها لمطابقة أحكام العقل ، فالرب في التوراة مثلا يندم و يخطئ، شبه بالحيوان فينفث الدخان من فمه، ولا يعلم الغيب ، ونعت بالجهل ،يأمر بالسلب والسرقة والزنا وداعم للعنصرية ،وكذلك يتعب و ينام ويستيقظ والأدهي و الأمر أنه قابل للخداع لوصف بني إسرائيل للنبي يعقوب بالنبي المخادع ،لأنه احتال على أبيه إسحاق ليستأثر بالنبوة دون أخيه عيسو. الديانة المسيحية بدورها لا تخلو من الإنحرافات أهمها عقيدة الثالوث ،أما الله في العقيدة الإسلامية فمنزه عن كل ما ورد في الديانات المحرفة السابقة فليس كمثله شيء.
الفصل الخامس كان بعنوان معجزات القرآن وعجائبه وضح فيه بلاغة لغة القرآن الكريم و عجز فصحاء العرب على مجاراته كما عدد عدة محاولات فاشلة لذلك وإدعاء النبوة فكان من أبرز من تجرؤوا على ذلك رحمان اليمامة الملقب بمسيلمة الكذاب والشاعر الكبير أحمد بن حسن الكوفي الملقب بالمتنبي، سجاح بنت الحارث التميمي، وكانت أحدث محاكاة للقرآن الكريم عام 1999 على يدي مسيحيين "الصفي والمهدي" وأطلقوا عليه اسم "فرقان الحق". كما أكد على أن اللغة العربية تعد أقدم لغة بعكس المشاع أن العبرية أقدم منها ، كما دحض ادعاءات المكذبين حول القرآن الكريم بحجج علمية واتهمهم بقصور العقل و قلة التدبر.
في جزئه السادس والذي كان أقرب للمذكرات تحدث فيه عن رحلته إلى الفاتيكان وأبدى إندهاشه من القوانين والشرائع التي فرضوها على أنفسهم وتساءل وأجاب في آن واحد عن مصدر هذه العقائد التي ألزموا أنفسهم بها ،كتقديس يوم الأحد ، شعار الصليب، طقوس الإعتراف وصكوك الغفران وتحريم زواج البابا... يبين أن قسطنطين هو مؤسس الدين المسيحي الحالي وبنى أول كنيسة في الفاتيكان عام 364 م،فكانت بدايات إنحراف المسيحيين و ظهور شعار الصليب على يده. بعدها عرج إلى ذكر تفاصيل زيارته للفاتيكان.
يوم مع صالح هو أفضل فصل سعدت بقرائته في الكتاب يحكي فيه قصة الأمريكي "كريج" التي توصل إلى الإسلام و عبادة الإله الواحد عبر البحث والتدبر ،اعتنق عدة ديانات ومعتقدات قبل ذلك لكنه أخيرا استمر ولأول مرة طوال 30 عاما على الإعتقاد بالله الواحد الأحد وأجاب القرآن على كل تساؤلاته.
الفصل الثامن أورد فيه قصة أم محجن التي كانت تنظف المسجد، كما بين دور الإسلام في تكريم المرأة، وبالمقابل وضح الظلم الذي تقاسيه المرأة الغربية في أيامنا الحالية من هضم للحقوق و إستغلال .
كان عنوان الفصل التاسع ونفس وما سواها ، تحدث فيه عن تقسيمات فرويد للنفس ؛ الهو، الأنا، الأنا العليا، وهي ما يطابقها حسب قوله في آيات القرآن الكريم بالترتيب النفس الأمارة بالسوء، النفس المطمئنة،والنفس اللوامة، كما حلل بعض الشخصيات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم كشخصية فرعون و النمرود والنبي يعقوب .
الفصل العاشر عدد فيه بعض الحقائق والظواهر الطبيعية وبعض النظريات الخارقة وبين موقف الديانات السماوية منها كنظرية العالم الموازي ، تناسخ الأرواح ،و الأبراج.
في الفصل الأخير جمع فيه الحديث عن سبب تسمية سورة البقرة بهذا الإسم ، وتحدث عن ادعاء اليهود لعدم ورود ذكر نبي باسم العزير في كتابهم وتكذيبهم لما جاء به القرآن، أما الجزء الأخير فكان عن سبب إستماتة اليهود في البحث عن التابوت.
الكاتب أسلوبه سهل ، بيد أنه لم يكن على قدر توقعاتي لأنه لا يتمتع بالعمق فحقيقة لم يقنعني هذا الكتاب ، و كونه موجه لدحض إدعات الملحدين وبعض العقائد المحرفة فلا أظن أن شخصا ملحدا سيقتنع بأسلوب الكاتب في طرح حججه ،أولا لأنها ليست بالجديدة فمعظمها تكرار لما جاء قبلها، ثانيا لوهلة ظننت أنه يستهزئ بمن يريد إقناعهم بدين الإسلام لأنهم على ظلالة، وهذا حسب رأيي المتواضع لا يتناسب مع موقفه، لأنه بكتابه هذا يكون داعيا وليس عكس ذلك ، كما لمست بعض التعالي في أسلوب الكاتب بداية من نقاشه مع أصدقائه حول قضايا الدين، لكنه يستحق القرآءة والتشجيع لأنه أول كتاب له ،فأنصح به للقرآء المبتدئين خاصة.