رواية الأرض الطيبة للكاتبة الأمريكية بيرل بك
الأرض الطيبة للمؤلفة الأمريكية بيرل بك pearl buck ، والتي نالت بسببها جائزة نوبل في الأدب،تندرج ضمن فئة الأعمال الخيالية، صدرت بتاريخ 1931، تجدر الإشارة إى أن بيرل إنتقلت للعيش في الصين مع والديها في سن مبكرة ، هذا يفسر السر وراء جمالية الرواية.
تدور أحداثها في الريف الصيني حول الفلاح الفقير المتواضع يونج وزوجته أولان؛ التي كانت جارية في بيت السيد العظيم هيونج ، أولان كانت فتاة قبيحة المظهر خشنة الملامح ، لكنها اتسمت بطباع طيبة نادرة ،كثيرة الصمت ،وهوردةالفعل الوحيدة التي تبديها اتجاه أي موقف يحصل لها سواء كان مفرحا أو محزنا، سيدة بيت بامتياز، تعمل بالأرض كما يعمل الرجال و مدبرة بيت لا نظير لها، كانت تعتني بوالد يونج العجوز الذي لا يهمه سوى بطنه، لكنه أحبها لإعتناءها به وعائلتها الكبيرة كونها أجنبت ثلاثة من الذكور الأصحاء و فتاتين إحداهما بلهاء .
يونج فلاح عمل بجد في أرضه ،بصبر لافت وبعون زوجته التي لم يكن يكن لها من الحب بقدر ما يبدي لها من الاحترام، صار من أثرياء المدينة مالكا لبيت السيد العظيم ولعدد لا بأس به من الأراضي . كانت الأرض بالنسبة لهم الوطن ومصدر الرزق والسعادة معا. تقلب في أحوال كثيرة قبل أن يحقق ثروته بين استجداء و هجرة للجنوب للبحث عن قوته والكفاف لعائلته الكبيرة ، لكنه عندما أحس أنه وصل لمرحلة ما أين حقق ثروة لابأس بها ألم به الكسل وتهاون عن خدمة الأرض، فصار يتكبر على زوجته ووضعه السابق وبدأ ينتقد شكلها و خشونتها كونها لا تعتني بأنوثتها كالأخريات.
بدأ يونج يتردد على دكاكين الشاي أين كانت يلتقي كوكو؛ جارية هي الأخرى بدار السيد العظيم، أعجب هناك بفتاة فاتنة فقرر الزواج بها فأصبح يغدق عليها الفضة و الملابس الحريرية بكرم حاتمي كي يصل لقلبها وتحبه كما يفعل هو ، خصص لها جناحا خاصا بها ودللها متناسيا زوجته التي كانت تعينه في كل صغيرة وكبيرة دون تذمر ،أحست بالغيرة من زوجته اللعوب لكنها كتمت غيرتها ولم تشعره باستياءها عله ينتبه يوما لمشاعرها هي الأخرى ،لكن سرعان ما تدارك كسله وولعة بزوجه الجديد فعاد ليعمل بكد كما كان دوما .
كان يعيل عمه وعياله رغما عنه لأنه كان منتميا الي عصابة من اللصوص يكنون بأصحاب اللحى الحمراء ،كلما كان ينوي طرده يهدد بجماعته من اللصوص فكان يستكين و يعدل عن قراره إنكسارا وخنوعا لا عن رضا وقناعة، لأن عمه كان ذا خلق حاد هو وابنه المتعجرف.
في أحد الايام عندما كان يحادث ابنته علم ان أمها أخبرتها انه لا يحب أمها ،حاز ذلك في نفسه كثيرا ، وانتبه للخطأ الذي اقترفه في حق من كانت له السند و المعين طوال سنوات شقائه ، وتذكر جل محاسنها وأحس بالندم تجاهها ،مرضت زوجته مرضا شديدا، فلقد كان على استعداد أن يبيع كل ثروته لأجل شفائها، لكنها أبت ذلك واستسلمت للموت بعد أن عقدت قران ولدها الأكبر و أوصت عروسه بالاعتناء بعائلتها و جد العائلة على وجه الخصوص.حزن وانج لموت زوجته كثيرا ، وتوفي والده بعدها بمدة وجيزة، كان يتمثل حدادهم بإرتداء اللباس الأبيض لمدة عام كامل.
حافظ وانج على أراضيه بعكس أبنائه الذين لم يكونوا بنفس حرصه ولا عزمه في خدمة أرضهم ، عندما تزوج جميع أبناؤه ما عدا أصغرهم الذي توجه للعمل في الجيش، وسكنوا بيت السيد العظيم عندها بدأت ملامح النزاع بينهم تلوح في سماء ذلك القصر الفسيح، أينما توجد النساء لا يوجد الهناء؛ تناحرت زوجاتهم و انتقلت العدوى لأبنائه .تزوج وانج جارية جميلة كان آخر أبنائه طامعا في الزواج بها لكنه استأثرها لنفسه ،أحبته واعتنت به في شيخوخته لأنه كان حانيا عليها ،كما اعتنت بابنته البلهاء.
قرر الشابان بيع الأراضي للاستفادة بأموالها فلما بلغ وانج ذلك اغتاظ جدا وحذرهما من مغبة ذلك وهددهما بالجوع والخسارة الفادحة إن هما فعلا ذلك ، فطمأناه أنهما قد عدلا عن قرارهما غير أنهما وزعا ابتسامات ماكرة بينهما ، كان كثيرا ما يفخر بأولاده لأنه حرص على تعليمهم عكس أقرانهم فكانوا يتقنون الكتابة والقراءة وكانت هذة ميزة يفخر بها بين الناس.
تصور الكاتبة أولان المرأة الصابرة ، والحكيمة في تدبير حياة عائلتها ،وقوة التحمل التي تمتعت بها رغم مصاعب الحياة الريفية آنذاك، فعندما تكون أولان في إنتظار مولودها تخرج صباحا لمساعدة زوجها في الأرض وعند إحساسها بدنو موعد ولادتها تهرع إلى البيت لتعد العشاء لعائلتها،ثم تتوجه إلى غرفتها وحيدة دون أية مساعدة لتلد طفلها وعند الإنتهاء تنادي زوجها لتبشره بالمولود الجديد.
كانت الكاتبة حريصة أشد الحرص على إظهار قيم المجتمع الصيني و عاداته التي يتشبث به ، كما أظهرت حبه الشديد للأرض وتمسكه بها رغم الظروف التي تعاكسه، فأظهرت صراعاته بحثا عن حياة أفضل، فنسجت خيوط روايتها برزانة وجمالية لا تترك للقارىء مجالا للملل.