الأحد، 21 يناير 2018

رواية بنات الرياض لرجاء الصانع


رواية بنات الرياض للكاتبة رجاء عبد الله الصانع



رواية بنات الرياض لرجاء عبد الله الصانع




رواية بنات الرياض، للكاتبة رجاء عبد الله ،قصة واقعية لأربعة صديقات إحداهن كانت تقص الحكاية بإرسال إيميلات إلى كل السعوديين، كل ليلة جمعة ترسل جزءا لمدة سنة كاملة دون الكشف عن هويتها أو هوية صديقاتها، إنصدمت لتفاصيل الأحداث التي سردتها بالرغم من أنني توقعت نوعا ما ما قد أقرأ، لأنها أسمتها في البداية بفضائح. دهشت للتحرر المستتر الذي تعيشه تلك الفتيات السعوديات بحكم أن جلهن من طبقة برجوازية ؛ فمنهن من تشرب الخمور ولا تجد حرجا في ذلك. كما صورت  الكاتبة تناقضات المجتمع السعودي وسلطته وظلمه للمرأة .

استمتعت كثيرا بالقراءة أما عن طريقة السرد فكانت عفوية مسلية ومضحكة أحيانا، تتخللها بعض الكلمات العامية التي لم تخل بحلاوة أسلوبها .كنت أظن أن الرجال السعوديين هم فقط الأكثر تحررا أو بالأحرى الأكثر انسلاخا عن تقاليد مجتمعهم وتعاليم دينهم، غير أنني قرأت عن نساء يعشن عيشة الأروبيات لا فرق بينهن ، فلم  تنصع تلك النسوة لتقاليد مجتمعهن، لكن بالمقابل لم يحترمن تعاليم الدين الإسلامي فيما يتعلق بالعلاقة التي يجب أن تربط بين أي امرأة ورجل أجنبيان عن بعضهما، فربما كل ممنوع مرغوب.  أو ربما بحثا عن مساحة للتعبير عن أنفسهن والهروب من ضغوطات مجتمعهن ، لذلك يسافرن  للتجوال والتخلي عن الحجاب في حمام الطائرة الذاهبة لوجهة أوروبا أيا كانت البلد المقصودة المهم خارج السعودية ؛ تضع عنها حجابها الذي فرضه الله لتلبس زي التحضر في بلاد الكفار المتحضرين ،أهو نفاق أم جهل بالدين أم انتقام من المجتمع ....أي انتقام هذا ؟؟
ما أعجبني هو حفاظهن على الصلاة ،لكن بدى لي أن معظمهن في فترة مراهقة متأخرة؛ يبحثن عن حب الأفلام المصرية على الطريقة الهوليودية .

المجتمع السعودي كباقي المجتمعات العربية؛ مجتعات عربية منافقة تجلد المرأة وتدافع عن الرجل رغم أن الجرم واحد،  فينظرون الى المطلقة أنها عالة و عيب و عورة ، يلصقون بها كل الخطايا والعيوب، في المقابل هناك طليقها ينعم بحياة عادية هادئة، وله أن يتزوج ويطلق مرة أخرى أو حتى يقع في المحرمات دون أن تشوبه شائبة لا لشيء إلا لكونه رجلا فلا يعيبه شيء. ينصاع الرجل إلى كل ماهو تقليدي آمن فلا يجازف  كما تجازف المرأة بالمقابل كي تحصل عليه، كالخوض في علاقات محرمة لا يحمد عقباها ،خاصة على المرأة لأنها أسرع انكسارا، كونها تقرر بعاطفتها ،عكس الرجل الذي يقيس الأمور بعقله وبتجارب أهله وعشيرته ،فيضع عاطفته جانبا ليتيح لعقله اتخاذ القرار، ويتشبذ به ،غير مبالي أو متناسيا الطرف الآخر الهش.

لو كنت في السعودية لانتظر إيميلاتها بشغف كبير لأنها ممتعة وتعطي عبرا جمة، المجتمع السعودي  منغلق بانفتاح كبير ، ورجاله حراس ومدنسو هذا الانغلاق في نفس الوقت، لكن  بالرغم من كونهم يعيشون في بلاد الحرمين إلا أنه لا يحق لنا أن نحكم عليهم أو أن نعتبرهم ملائكة  منزهون عن الأخطاء ففي كل الأمصار والأزمان يوجد الصالح و الطالح .
 نشرها لتلك الرسائل عرى حقيقة الكثيرين التي يخشون أن تصل أو الاعتراف بها،إعتبرتها كاتبة شجاعة ربما لم تعجبها التناقضات التي تعانيها المجتمعات العربية بوجه عام فقررت البوح بها .  عبرت عن هذه التناقضات من خلال شخصية سديم ؛فتاة متحررة تقدم التنازلات لترضي الحبيب غير عقلانية البتة، تحكمها العاطفة تنازلاتها هي سبب تعاستها في حين كانت تظن أنها السبيل للوصول لقلب حبيبها،  أما ميشيل فمتحررة ،الأذكى بينهن والأقوى شخصية؛ توازن الأمور و تختار الأنسب لها لعقلها وقلبها معا، بينما قمرة فهي الفتاة التي  تكون أشبه بالبدوية التي لم تغادر خيمتها يوما ولم تحتك بمثيلاتها من النساء الماكرات ذوات الكيد العظيم  فاعتبرتها الأكثر سذاجةبينهن زيادة على محدودية تفكيرها ، أما شخصية لميس فكانت عقلانية ، تعرف ما تريد ،خطواتها محسوبة  كما أن زواجها كان ناجحا غير أنني أشك أنها تعيش حياة ممتعة لأن المتعة ورسم الخطط والتقيد بها خطان متوازيان في نظري ،فالصدفة أحيانا تخلق أسعد الحظات وكذا القرارات.

رواية تستحق القراءة و الإطلاع لمتعتها وسلاسة أسلوبها، ولشفافية الكاتبة التي سعت لتسرد الأحداث كما هي دون أقنعة أو تزييف ولا مبالغة.


لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات