السبت، 17 مارس 2018

وهم كوتار-سامر عبادي وهنادي خطيب


وهم كوتار لسامر عبادي وهنادي الخطيب


وهم كوتار لسامر عبادي وهنادي خطيب

















"نحن لسنا سوى مادتين في هذا الفضاء الشاسع، التقينا بمحض مصادفة 
مرتبة بعناية إالهية، نحن الآن ًمعا نعيش على قيد الحب و الأمل، نتغذى على النصوص العشوائية، و نستمد قوتنا منكم!"


وهم كوتار ليس بكتاب بل إكسير   للسعادة ، استعجلت قراءته قبل أن تنقضي ليالي الشتاء  الماطرة الباردة ، الشغوفة لدفء كتب على هذه الشاكلة ، هذا كتاب لا يقرأ إلا في أمسيات كهذه تتدثر به وتغوص بين كلماته , كتاب يغريك للكتابة ، يفتح شهيتك على الحياة ،على الحياة جنبا الى جنب بصحبة من نحب...في الكتاب آثار روحيهما تحس بكلماتهما الصادقة، تشارك سامر وهنادي الكتابة ونقلا لنا  تجربة روحين جمعهما حب الله قبل كل شيء ، وايمان بلقاء تحت جناحه لا فراق بعده.


عند انتقائي لقراءة هذا الكتاب لم أكن على العلم أن عنوانه لم يكن سوى عبارة عن تسمية لمرض نفسي لم يسبق لي السماع عنه من قبل، وبعد البحث عن كينونته تبين لي أنه متلازمة الجثمان السائر ،نادر الحدوث قد يكون نتيجة لبعض الصدمات النفسية والحوادث، سمي على مكتشفه طبيب الأمراض العصبية الفرنسي الأصل "جول كوتار"،  يشعر المصاب به أنه حي ميت ! ، لايشعر بوجوده بل يعتقد أنه فقد بعض أعضائه، وبشكل عام يؤدي هذا المرض لاستحالة الإحساس بالواقع، كثيرا ما تشبه أعراضه تلك الموجودة عند مرضى الفصام، وطبعا هناك بعض مضادات الإكتئاب والذهان التي خففت من حدة هذا المرض و جاءت بنتائج إيجابية إذا ما تصاحبت مع العلاج بالصدمات الكهربائية.

"وهم كوتار" هو استعمال مجازي لهذه المتلازمة النفسية،  فمن خلال رسائلهما العشرين يحاول سامر وهنادي طرح بعض الحلول والقاء الضوء على بعض المشاكل الاجتماعية والفلسفية .

"هو الحقيقة التي نحاول أن نواري أعيننا كي لا نبصرها، هو اعتقادنا بأننا على قيد الحياة، هو الأجل الذي يقترب منا، هو نحن جميعا دون أي استثناء.
لأجل الذين دخلوا وخرجوا أمواتا من الدنيا دون أن يخاطبوا الله، دون أن يجدوا أو يجيدوا لغة الحوار أصلا، كل ما في الصفحات هو محاولات صغيرة تشكل أعشارا بالمئة من ماهية الحياة، ابتداء من الله وانتهاء به، إنها شرارة لإشعال فتيل الحب، لقطع شرايين الشك باليقين"

"كتبت هذه الكلمات، لمن يقبلون أنفسهم في المرايا، لمن لا يعانون من سوء فهم ذاتي، لمن يمارسون الإزدواجية في جل حالات التوحد، أولئك الذين يرتكبون الحب لدواعي جسدية، بل لأجل الذين أسرفوا أعمارهم يجرون أثوابهم خلف أمة من الناس لا تبصر ولا تسمع، لمرتادي المقاهي الرخيصة لمن يبتاعون من بسطات الشوارع، للفئة التي لا يخجلها أن تبوح بإن مرتبها الشهري لا يكفي لمنتصف الشهر".

"هو ليس تصريح واضح يؤيد القلب، ولا دعوة لعكس ذلك، هو لمن يجيدون استخدام الجزء العلوي من أجسادهم يتناغم مع أسفله ولا يعلم عددهم سوى الله"

جاء الكتاب في ثلاثة محاور أساسية بداية الخلق ، الحب و اللقاء، يظهر تباين وانسجام في آن واحد بين أسلوب هنادي وسامر ، فأما هنادي فعاطفتها وحسها الأنثوي طغى على نصوصها بعكس سامر الذي تناول مواضيعه بكثير من العقلانية و جانب فلسفي لافت ، هي تنجر مع عواطفها ووصفها للأشياء ولمحبوبها بطريقة ساحرة، بينما يأخذك سامر لعالم فريد آخر تستنتج منه بعض الدروس للحب و الحياة، شخصيا شدتي جدا رسائل سامر وأمتعها حين شبه صفوف المصلين بالجيش المتأهب للمعركة ولا تنتهي تلك المعركة بتمام الصلاة بل تخلفها معركة الحياة !. ورسالة الملوخية! وغيرها..   

"الله أكبر
تبدو بصوته مختلفة
"تبدأ المعركة، صوته عال بعض الشيء، يشعرك بالثقة، و بهول ما نحن عليه لتبقى مستعدا متيقظا، يتعالى صوته ويتباطأ، وفقا للأحداث ومجريات المعركة، تدهشك شجاعة القائد وحكمته!

"تنتهي المعركة... مازال يجلس في الأمام، لن يتخلى عن جيشه بمجرد انتهاء المعركة، سيبقى ليقيم ليثني ليحصي النتائج... يترك لنا فسحة من الوقت لنلملم غنائمنا من الصلاة. ثم يقف ويساعدنا على الوقوف ويتقدمنا؛ هيا ...لنذهب إلى معركة الحياة، الآن يمكننا أن نواجه معركة الحياة"

يعطي الكاتبان نموذجا ناجحا للحب الصادق و البريء بعيدا عن الشهوات الزائلة ، حب لأجل الله وفي الله ، ومثالا للعائلة السعيدة طوب أساسها رحمة وتفاهم ووفاق وانسجام روحي يسبق التوافق الجسدي .

لم أشأ أن تنتهي صفحات هذا الكتاب ، فلا يجدر به حقا أن ينتهي لأن كلماته تسكن الروح وتؤنسها ،و تمنيت من أعماق قلبي الهناء الأبدي لسامر و هنادي .

"معظم الذين ماتوا لا زالوا على قيد والحب الحياة، بدليل أن محمد صلى الله عليه وسلم، توفي في الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، ولا زال حيا في صدورنا... إذن العمر الرقمي مجرد افتراص يقتصر معناه على حياة الجسد لا الروح والعمل والعقل والقلب..."



لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات