في 169صفحة حاول علي عثمان تحديد المركز الذي احتله النساء العربيات عبر التاريخ، ما جاء في الكتاب دعاني للبحث عن سيرة هذا الكاتب لكنني لم أجد معلومات كافية عنه . بداية العنوان قد لا ينطبق كثيرا ما مضمون الكتاب ، لانه كان شاملا لتطور مكانة المرأة بشكل عام فلم يكن مقتصرا على المرأة العربية ، الكتاب تناول في ثلاثة أقسام : العصر الجاهلي والعصور الوسطى والعصر الحديث التغيرات التي طرأت على التغيرات التي شهدتها المكانة التي تمتعت بها المرأة خلال تلك الحقب التاريخية .
فأما العصر الجاهلي فمثلت المرأة ركيزة أساسية في مجتمعها الصغير ، فكانت المعول عليها في أعمال النسيج وصناعة الخزف و الغزل و صناعة الخبز والبيرة التي كانت محتكرة من طرف المرأة على اختلاف الحضارات ، أما أعمال الزراعة فكانت أيضا منوطة بها ولضعف المرأة الجسماني مقارنة بالرجل فتفرغ للمجال الزراعي لتتفرغ هي لأعمال تتطلب أقل جهد ما يتناسب و طبيعتها الأنثوية وعليه فالمرأة خلال تلك الفترة الزمنية ساهمت مساهمة فعالة في الحياة الإقتصادية.
بالنسبة للمكانة التي تمتعت بها المرأة فشهدت تناسبا من حضارة لأخرى، فالمرأة في الحضارة المصرية تمتعت بمنزلة تحسد عليها مقارنة بالحضارات الأخرى كما قال ماكس : ليس ثمة شعب كان ينظر إلى المرأة مثلما رفعها سكان وادي النيل ".
أما عن المرأة عند البابليين فتمتعت بما تمتعت به نظيرتها المصرية ؛ فكان لها مثلا أن تدير أعمالها التجارية الخاصة بها وكل أملاكها بما في ذلك العبيد ، و تخلف زوجها في قيادة الأسرة حين غيابه، وخير مثال على الحرية التي كفتها حضارة البابليين للمرأة هو عشتار حين طلبت يد جلجاميش بنفسها. غير أن الزوج في تلك الحضارة امتلك الحق في رهن زوجته مدة لا تزيد على ثلاثة سنوات لسداد دينه، وله أن يبيعها إن تأكدت له خيانتها.
بالرغم من أن الحضارة اليونانية ارتقت سلالم الفن والفلسفة مقارنة بالحضارات السابقة إلا أن المرأة لم تحض بغير منزلة الخادمة كأعلى تقدير ،و ارتبط مركزها بمدى خصوبتها ،وتحاكم بتهمة القتل إن هي أجهضت دون علم زوجها.
نقل الكاتب بعض أقوال وآراء فلاسفة وأعلام الحضارة اليونانية حول المرأة .
فمنهم هيبوناكس:" لا تسعدك المرأة في الحياة إلا يومين: يوم الزفاف ويوم دفنها"!
فيثاغورس: هناك مبدأ خير انبثق من النظام والنور والرجل، وهناك مبدأ شر خلق الفوضى والظلم والمرأة".
أما المرأة في الصين فنالت بعض الوقار لدورها كأم بالدرجة الأولى، وفي الهند فلم تتمتع بأبسط الحقوق بل تحرق عند وفاة زوجها، كما لا يخفى علينا أن بعض قبائل العرب كانوا يئدون بنتاتهم ويتطيرون عن ولادة الأنثى.
وكما قال الكاتب فالعصور الوسطى لم تكن شرا خالصا بالنسبة للمرأة بل شهدت تقدما وإن كان طفيفا ، فنساء الأندلس آنذاك تلقين التعليم تماما كالرجال فبرز منهن شاعرات وباحثات . ذكر علي عثمان عديد الأمثلة إبان ذلك العصر.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ونتيجة للخسائر البشرية التي تكبدها المجتمع الإنساني في صفوف الرجال ، اضطرت النساء لتخلفهم وتخوض غمار تجربة جديدة في مجال العمل ، وتبعا لذلك أصبحت المرأة تطالب بعديد الحقوق لتتساوى مع الرجل.
خلافا لكل ما ورد ففي الإسلام تمتعت المرأة بحقوق اجتماعية و سياسية مالم تستطع منظمة الأمم المتحدة ارسائها في شتى الدول مهما تشدقت بذلك.
الكتاب غزير بالمعلومات عن مكانة المرأة خلال عدة حقب تاريخية وإن كانت مختصرة ، مالم استسغه فيه هو استطراد الكاتب في سرد تفاصيل عن المرأة اللعوب و الغانية على مر التاريخ ومركزها آنذاك مقارنة بأمثلة للمرأة الصالحة أو القائدة وما أكثرهن في شتى الحضارات .
جاءت في الصفحة 120 و 121 فقرة عن غناء جارية على مسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يأت الكاتب على ذكر المصدر ، شكلت عندي نقطة استفهام .
"أما في الإسلام ، فإن الإسلام لم يحظر الغناء على المرأة، فمما يذكر أنه دخل عمر على بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وجارية تغني لعائشة، فلما عرفت الجارية بمقدمه هربت، فدخل عمر والنبي يبتسم فقال له عمر:اضحك الله سنك يارسول الله، فلما أجابه الرسول عن سبب ضحكه، قال لن أرحل حتى أسمعها، فاستدعاها الرسول فأخذت تغني وهو يسمعها" .
وكما ذكرت آنفا لم يستوف الكتاب تطور مركز المرأة العربية على وجه الخصوص خاصة في العصر الحديث ، بل كان اهتمامه منصبا على المرأة بشكل عام وباختصار شديد مالا يتوافق وعنوان كتابه، أما أسلوبه فبسيط جدا.
اقتباس آخر جاء في الكتاب:
"وآخر ما نقوله هنا عن التلمود: ان اليهودي لا يخطئ اذا انتهك عرض أجنبي، لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد، لأن المرأة التي لا تكون من بني إسرائيل هي كبهيمة، والعقد لا يوجد مع البهائم، فلا يرتكب اليهود محرما اذا أتى امرأة مسبحية، وإن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير اليهوديات"