رواية لا تقولي أنك خائفة - جوزبه كاتوتسيلا-
لا تقولي أنك خائفة، جوزبه كاتوتسيلا، عدد صفحاته 262صفحة، ترجمها معاوية عبدالمجيد.
يستحق ستين نجمة بعدد الكتب التي قرأتها لهذا العام ويتفوق عليهم جميعا بستين درجة ، لم أرد أن اكتب مراجعته لأنني خشيت أن يفقد قيمته.....لا تحكم على الكتاب من الغلاف نعم ! الألوان البهيجة التي زينت تلك الفراشة و عنوانه الذي يشير إلى شخصية انثوية كبطلة لقصة هذا الكتاب دعتني لتجنب قراءته ظنا مني أنني سأقرأ عن قصة رومانسية أخرى لا تفرق عن سابقاتها ... لكن تقييم "بيان" (المدونة السعودية التي أثق في اختياراتها ) بخمسة نجوم شجعني لخوض غمار هذه التجربة ....أسميتها تجربة ووحده القارئ سيكتشف ذلك .
"لا تقولي أنك خائفة ، أبدا ، يا صغيرتي سامية أبدا،وإلا ما تخافينه سيتعاظم حتى يهزمك"...في الصومال نسجت خيوط قصة سامية الإنسانية ، السريعة كالغزال. ترعرعت في حضن أسرة فقيرة في منزل حقير يشاركهم فيه عائلة علي صديق طفولتها .. منذ سن صغيرة تطمح لتصبح بطلة ألعاب أولمبية، اقتداءا بمواطنها محمد فرح وتحمل معها صورته أينما حلت ليكون وقود لاشعال طموحها متى ما خفت وهجه. لكن لعنة الحرب الأهلية التي كانت تدور في الصومال وتناحر عشائرها دارود، أبجال وهاوية لاحقت حلم سامية و حياة أسرتها.
لازم علي صديقته سامية ونصب نفسه مدربا لها و مشجعا لتحقيق حلمها ، وبالفعل استطاعت بمساعدته الفوز بعدة سباقات محلية وأبانت على مهارة لافتة وطموح لا تكسره سطوة "حركة الشباب" المتطرفة ، التي اضطرت سامية وعلي على التدرب خلسة تحت ضوء القمر!!
تغادر عائلة علي محل اقامتهم خوفا على حياتهم بسبب من تناحر القبيلتين أبجال و دارود التي كانت تنتمي لها، فتفقد سامية مدربها و صديقها الروحي لكنها تواصل مسيرتها رغم ذلك، وتشارك في دورة الألعاب الأولمبية بالصين سنة 2008.
بعدما تفقد والدها في ظروف تكاد تكون غامضة ، تسافر هودان شقيقة سامية نحو أوروبا ؛ هجرة غير شرعية طبعا .. كلها ظروف ساعدت سامية على اتخاذ قرار مفصلي في حياتها لمغادرة الصومال وتحقيق هدفها بعيدا عن هذا الوطن الجريح...
تكون الوجهة نحو أديس أبابا ، بمساعدة صحفية أمريكية ، للتحضير لأولمبياد لندن 2012، لكن الظروف عاكستها مرة أخرى بسبب وجودها الغير شرعي على الأراضي الأثيوبية ، حينها تعزم على أن تحذو حذو شقيقتها هودان للوصول لأوروبا لتبدأ من هناك...
من أثيوبيا إلى السودان فليبيا نحو ايطاليا رحلة طويلة قاسية ومذلة عانتها سامية ، وكأنك تقرأ كتابا آخر غير ما جاء في جزءه الأول ، أحسست حينها بحيونة الكائن البشري ....وجشعه ودناءة نفسه ..الأحداث التي صاحبت هجرة سامية تشعر القارئ بحالات من التقزز و الاستياء و ضيق النفس حتى ظننت نفسي مكانها و لساني حالي يقول هل حقا يستحق ذلك الحلم كل هذه العذابات و والكمية المفرطة من الإذلال للانسان ! . بعد كل تقدم ولو طفيف لسامية ينزاح عني كل ذلك،،حتى وصولها للساحل الإيطالي تنفست الصعداء! وأخيرا ظفرت تلك الغزالة بما تستحق!
عند وصولي لآخر صفحة في الكتاب تلقيت المفاجأة ..سأترك للقارئ اكتشاف النهاية ولن أزيد على هذا
بقدر ما أحزنتني هذه القصة لم أستطع التوقف عن قرائتها ، كانت طريقة السرد تأخذ وتيرة سريعة بعيدة عن التكلف والحشو واللغة بسيطة جدا لكن القيمة الانسانية التي حملتها الرواية ليست بالهينة .
تروى القصة على لسان سامية ما يجعل القارئ يتفاعل مع مشاعرها ؛ فرحها ، حزنها و خيبات أملها كل مرة...
استطاع الكاتب بمهارة عالية نقل قصة واقعية بأسلوب سلس ، ولغة جد بسيطة وتشويق يحبس الأنفاس ، واستطاع بذلك تخليد ذكرى سامية يوسف من خلال كتابه، الذي سيتحول لفيلم سينمائي قريبا. حازت الرواية على جائزة "كارلو ليفي" الأدبية، و"لوستريغا" التي تعد من أعرق الجوائز الأدبية .
من الاقتباسات :
"أفوز من أجل نفسي كي أثبت لنفسي وللجميع أن الحرب بإمكانها أن توقف بعض الأشياء وليس كلها"
"الحصول بشكل مفاجئ على قدر مبالغ فيه من الحرية أمر ضار،لايناسب البشرية."
"الخوف ماهو الا أحد جوانب ترف السعادة.."