السبت، 21 أبريل 2018

العرب وجهة نظر يابانية ، نوبواكي نوتوهارا




العرب وجهة نظر يابانية





العرب وجهة نظر يابانية



نوبواكي نوتوهارا كان مدرسا للأدب العربي بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية والذي كان التحاقه بها بمحض الصدفة ، يسطر لنا في كتابه هذا تجربة أربعين سنة من الترحال صوب البلدان العربية و البوادي فاحصا لثقافاتها و متذوقا للأدب العربي في عديد الأقطار العربية ومحتكا ببعض الكتاب المعاصرين آنذاك. قام بالعديد من الترجمات للروايات العربية للغة اليابانية ، كنجيب محفوظ وغسان كنافي.



" إن الناس في شوارع المدن العربية ليسوا سعداء وليسوا مرتاحين. سمعت صرخة في الجو الخانق الصامت ومازال في أذني"



"الناس صامتون لا يتحدثون ولكننا نسمع صرخة من خلال ذلك الصمت الخانق، صرخة تخبر عن نفسها بوضوح وقوة"



هكذا وصف مشاهداته للمواطن العربي ، حيث كانت أول زيارة له نحو مصر ، وبعدها إلى دول عربية أخرى، فوصف في بداية كتابه بعض المظاهر السلبية التي شاهدها هناك كالإزدحام والفوضى وسوء التسيير والمستوى المعيشي المتدني للفرد العربي فأشفق عليه تارة ولامه تارة أخرى على تخاذله في استرداد أبسط حقوقه الإجتماعية والقانونية ، كما طرح عدة مقارنات بين المجتمعين الياباني والعربي ، وفسر سبب نهضة اليابان في ظرف زمني يعد بالوجيز جدا.

ذكر الكاتب بعض المواقف التي حدثت معه شخصيا في المطار مثلا حيث تعرض للنصب من قبل إحدى العاملات ، و عرض عليه عامل آخر بعض التحف الأثرية في أحد المتاحف العربية ، كما شاهد بأم العين البيروقراطية التي يعاني منها المواطن العربي وعانى منها شخصيا ، تحدث أيضا عن الإزدواجية الشخصية التي يمارسها بعض المسلمين،  وفي موقف آخر تعرض للاستخفاف بشخصه كونه "خواجى" أو غريب . لقد شعرت بالخجل و الخزي عند قراءتي لبعض المواقف التي واجهها، بالرغم من أنها حالات فردية ولكننا نعلم يقينا أن كل ماذكر صحيح ولم يبالغ الكاتب في وصفه بتاتا ولا مجال لنعته بسيء النية.


ميزة مشينة أخرى ذكرها عن العالم العربي هو القمع والاضطهاد الذي يمارسه ساسة هؤلاء البلدان اتجاه شعبهم ، كما أشار الفرق بين المجتمع الياباني والعربي حيال مواهبه فالمجتمع العربي عموما لا يلقي لها بالا في حين أن اليابان تشجع المواهب الفردية أيا كان مجالها ، وفي إجابة عن سؤال طرح عليه حول الفرق بين القارئ الياباني والعربي فسر أن هذا الأخير في كثير من الحالات اكتفى بالقرآن كمنبع للاجابة على كل تساؤلاته أما اليابان كما قال ليس هنالك إله! فالفرد الياباني مضطر لتغذية روحه ولا يتأتى له هذا إلا من خلال مطالعة الكتب ليستعين بها على تبيان ما عجز عن فهمه .وضح الكاتب أن الحكم على  أي مجتمع يستلزم دراسة قيمه دراسة معمقة وأن من غير الصائب اتخاذ قيم أي مجتمع آخر كأداة لقياس صلاح مجتمع من عدمه .


لفت انتباهي أمر له علاقة أيضا بحجم القهر الذي تمارسه الحكومات العربية تجاه شعوبها حين أشار إلى ما سماها "الظاهرة الغريبة" عندما قال " إن الحاكم العربي يخاطب شعبه بكلمة يا أبنائي وبناتي، عندنا تعتبر إهانة بالغة إذا استعملها مسؤول مهما كان كبير..." وفسر قوله بأن الحاكم بذلك يضع نفسه فوق الشعب في مكانة مقدسة  ويستفيد بذلك عاطفيا من لهجة الأبوة ليسيطر على شعبه .



وبالمقابل أعجب نوتوهارا جدا ببعض القيم التي يتمتع بها العرب خاصة كرمهم اللامتناهي وسعة صدورهم، خاصة سكان البادية فكون عدة صداقات وعلاقات طيبة مع سكانها وبعض أدبائها. في آخر الكتاب قدم للقارئ وجهة نظره في عدد من الأدباء العرب ومؤلفاتهم كإبراهيم الكوني.



الكتاب نقل لتجربة طويلة ومتنوعة تستحق القراءة ، غير أنني وددت لو أن الكاتب تعمق أكثر في فهم تعاليم الإسلام دون أن تؤثر عليه سلوكات فردية فلربما قد يغير وجهة نظره في بعض الأمور خاصة فيما يتعلق بحجاب المرأة.
تجدر الإشارة أن العربية هي اللغة الأصلية للكتاب ، ولقد أجاد إيصال فكره للعربي بلغة بسيطة ومقنعة. 

  


لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات