السبت، 8 سبتمبر 2018

تركوا بابا يعود لتوني ماغواير : When Daddy Comes Home by Tony Maguire



تركوا بابا يعود


-العودة ومآس جديدة-





تركوا بابا يعود لتوني ماغواير ، لاتخبري ماما الجزء الثاني




تركوا بابا يعود من تأليف توني ماغواير
عدد الصفحات: 335
دار النشر: المركز الثقافي العربي
الطبعة الأولى: 2018 
ترجمة: معن عاقل




تعود توني مجددا لتتمة ما بدأته في كتابها الأول "لا تخبري ماما" لتواصل نقل الأوقات الصعبة التي مرت بها وهذه المرة بعد خروج والدها من السجن بتهمة اغتصابها.
بعد عامين من الزمن كانا بمثابة المتنفس لتوني قضتهما مع والدتها يعود والدها للبيت لينغص عليها حياتها مرة أخرى، فتعرضت  للكثير من التنمر و الاستفزاز وفي آخر المطاف تطرد من البيت لتجد نفسها في مواجهة مجتمع لم يرحم براءتها.

كل ذلك حدث وتوني لم تتجاوز سن السابعة عشرة بعد ؛ تدمن شرب الكحول في سن مبكرة لتخدر أوجاعها وبالمقابل تعمل جاهدة لتعيل نفسها ولتسدد تكاليف شهادتها، ويحدث أن تمرض وحيدة في غرفة حقيرة أجرتها لتسكن بها، فتتوجه لبيت العائلة بحثا عن الرعاية و الشفقة  ولكن والدتها تطلب منها الرحيل بحجة أن والدها لا يحبذ مكوثها لأنها تسبب له المتاعب ، فتخللى عنها والدتها مرة تلوى الأخرى لتأكد لها أنها لا تستحق حبها ولكن توني لم تفقد الأمل في استرجاع محبة تلك الأم!

أسوء لحظات الكتاب  حين زج بها  والداها في المصح النفسي، نقلت الكاتبة معاناة المرضى هناك وكأنه عالم آخر مؤلم حقا ما قرأته في هذا الجزء. لكن توني تنجح في تجاوز تلك المحنة بكل شجاعة وتخرج من المصح عازمة على بدء حياة جديدة وبقناعات أكثر نضجا. 


هناك بعض الملاحظات عن الرواية ومنها:

  •   عقوبة سنتين سجنا بحق مغتصب وفي بلد أوروبي هي حقا قليلة اذا ماقارناها مع حجم المعاناة الذي يلحق بالضحية فمابالك إن كان الجاني هو الولي،  فهناك نسبة كبيرة أن يعاود فعلته لأنه سيتواجد حتما أين تتواجد الضحية.

  • الغريب في الأمر أنه ألقي باللائمة على فتاة قاصر بعمر السبع سنوات بحجة أنها استدرجته لفعلته أو ساهمت بشكل من الأشكال في ذلك ، ربما لهذا السبب خفف الحكم عنه ولكن مهما كان حجم مشاركة الصبية في ذلك الفعل الشنيع فمن الغباء و الظلم توجيه أصابع الإتهام إليها لأن المغتصب والدها فوظيفته كأب أن يقوم سلوكها إن افترضنا أنها ساهمت في ذلك الخطأ بدل أن يستغل الفرصة.

  • رغم أن المجتمع الأوروبي يدعي الإنفتاح والمساواة لكن أظن أن وقائع كتلك ستتغير لصالح الضحية اذا ماكانت ذكرا بدل أنثى.

  • أبهرتني شجاعة توني في تخطي أزمتها النفسية والتأقلم في ظروف كتلك، كما اكتسبت قدرة تركيز عالية للخروج من المصح و تحديد قرارات كانت مفصلية في حياتها.


أرادت الكاتبة ربما بطريقة غير مباشرة تبرير مافعله والداها بها عند ذكر تفاصيل عن حياتهما أيام الطفولة والشباب لكن باعتقادي مامن شيء يشفع تلك القسوة والإهمال الذي عاملاها به، وإلا فكيف بهما يبديان تعاطفا ورحمة بالحيوانات ويعجزان عن تقديمهما لطفلتهما الوحيدة، ولكن هل نستطيع لوم توني لو عنفت أبناءها في المستقبل؟
الحب الذي كانت تشعر به توني بدل الحقد تجاه والديها رغم كل مافعلاه هو ما أنقذها في الأخير من السقوط في دوامة من الإدمان و الفشل  ماكانت لتخرج منها لولا تحليها بالصبر و قدرتها العجيبة على التسامح . 
المحيط الذي عاشت فيه توني ويعيش فيه آلاف من اليافعين يشجع على الإنحراف، ولن تنتهي المشكلة بسجن ذلك المراهق  أو ادخاله لمصح نفسي بينما لا يزال أصل المشكلة موجودا وهو سوء التربية والتعامل مع ذلك المراهق من قبل الآباء و المجتمع المتنمر على حد سواء.

القصة مؤلمة وتعطي درسا قيما لكن لا أظن أن جميع الناس يستطيعون تخطي ماتخطته الكاتبة رغم صغر سنها آنذاك، وحقيقة أنها استطاعت أن تنقل قصتها للعالم شيء يدعو للاعجاب والإنبهار بقوة هذه الشخصية، فربما يوجد الكثير من الناس عانوا أو يعانون يوميا أقسى مما عانته توني أيام شبابها لكني أعتقد أن هناك نسبة قليلة من هؤلاء من استطاعوا الوقوف مجددا والتصدي للمزيد من الضربات التي تقسم الظهر لكنها لن تطفئ روح الأمل داخل هؤلاء.....

ترجمة الرواية جيدة جدا ، أستحي أن أذكر أنني استمتعت بالرواية لأن ماعانته توني أمر مخزي في حق البشرية ، بل اشمئززت كل مرة كانت تذكر تفاصيل عن محنتها خاصة عند دخولها المستشفى النفسي والأوضاع الكريهة التي أحاطت بها هناك، لكن يحق لي أن أقول أن اللغة كانت بليغة وبديعة بعيدة عن الركاكة، أما السرد فكان متسلسلا .






  
   


لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات