الأربعاء، 3 يناير 2018

كتاب مسلكيات لإبراهيم عمر السكران

كتاب مسلكيات ﻹبراهيم عمر السكران



           مسلكيات لإبراهيم بن عمر السكران ،الكتاب الكنز،هومن أنفع وأمتع الكتب التي قرأتها خلال الفترة الأخيرة، لا أمانع قراءته مرة اخرى رغم أنني لا أحبذ هذه الفكرة مع باقي العناوين إلا نادرا ،هذا النوع من الكتب يشعرني أنني أجالس روحا وليس مجرد كتاب ،جمع فيه السكران  عدة مقالات حول مواضيع متفرقة سأتطرق لأهم النقاط التي ذكرها.
عنون أول مقال بجسر التعب  ملخصه ما جاء في قول ابن أبي كثير:"لا يستطاع العلم براحة الجسم"، فمجمل النعيم لا يأتي بالنعيم إنما بالشقاء والتعب . أما العنوان التالي فكان أزمة المترقب، فهو الشخص الذي لا ينجز، ليس من ضعف همة ،إنما ينتظر كي تتوافر له ظروف أحسن ،يعاني من مشكلة أسماها ترحيل المهام؛ فعندما يكون في الثانوية يحدث نفسه أنه اذا انتقل الى الجامعة سيتوافر له الوقت والتحصيل العلمي الجيد سيحقق أهدافه، لكنه حين يلتحق بالجامعة يتحجج بضغط المحاضرات والمذاكرة، فإذا انتهى من الجامعة يحدث نفسه عندما أنتهي من هم الزواج والمسكن والاستقرار سأتفرغ لمشروعاتي وهكذا، حتى ينطوي عمر الإنسان ولا يزال يمني النفس بالإنجاز. نحن في كل لحظة ننفق من رصيدنا الزمني فإما أن نشتري به علما وعملا رابحا أو  ننفقه في الترقب والتفرج على صفقة خاسرة، ومن الحكمة من ابتدأ عملا وارتاح له فليستمر فيه يبارك له فيه ومنا من يبدأ عملا فلا يستمر فيه فيضيع وقته ومجهوده ،فمن يمسك كتابا ثم يتركه وينتقل لفن آخر فلا هو استفاد ولا استثمر وقته.
أما مقالته فن القراءة الجردية  تحدث فيها عن ميزات القراءة السريعة التي تلخص جوانب الكتاب وزبدته، فبعض السلف كان يقرأ مجلدات في أيام معدودة، وبعكس الشائع أن القراءة البطيئة تكسب الفهم،  فبعض المفاهيم لا تصل إلا بالقراءة السريعة، فالمعنى ليس في المفردات إنما في الروابط  التي تتصل فيما بينها بسرعة، والانفصال الزمني بينها يشرد الذهن. عنون كذلك مقالة ب التصنيف التحصيلي، تحدث فيها عن النووي رحمه الله والذي ترك وراءه مؤلفات كثيرة رغم أنه لم يعمر طويلا، مات بعمر 45 سنة وبدأ تحصيه العلمي ب عمر 19 سنة فقط!.فلم يضيع وقتا ليلا ولا نهارا دون الاشتغال بالعلم.
لقاء العظيمين  المقالة التي شدت انتباهي كثيرا لروعة الرسالة التي تحملها ،تحدث فيها الكاتب عن لقاء النبي محمد وابراهيم عليهما السلام يوم أسري بنبينا صلى الله عليه وسلم ،فاجتمع أعظم شخصين في العالم والموضوع الذي تركز عليه اجتماعهما هو ما جاء في حديث رسول الله عليه وسلم حيث قال: لقيت ابراهيم عليه السلام ليلة أسري بي فقال يا محمد،اقرئ من أمتك مني السلام،وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة،عذبة الماء ،وأنها قيعان،وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر".فوصية النبي ابراهيم عليه السلام لنا أمة محمد حري بنا أن نلزمها و نستشعر عظمتها .
تناول في مقالته صفاء الانبجانية قصة أبي  جهم حين أهدى للنبي عليه السلام خميصة وهو كساء لأشراف العرب ،يزين بأعلام وهي خطوط تكون على طرفي اللباس بلون مغاير. يصلح ليكون هدية للنبي ،ارتداه صلى الله عليه وسلم فلما كبر للصلاة نظر للأعلام في طرفي الكساء بعد أن فرغ عاد لأهله متضايقا. وطلب أن يعيدوا الكساء لأبي جهم ويستبدله بآخر، حتى لا يقع في قلب أبي جهم أنه رد هديته والكساء الاخر كان الانبجانية ؛ كساء لا يوجد به أعلام وهو أقل ثمنا وقيمة عند العرب من الخميصة،وكل هذا كان حرصا من النبي عليه السلام على كمال صلاته واتيانه بالخشوع فلا يشغله شاغل عن تحقيق مقصود الصلاة.
 جناح الذل عنوان لمقالة تحدث فيها عن بر الوالدين وأحوال بعض الصالحين في ذلك أما آخر مقالة عنونها ب المجرات سلالم لليقين،تحدث فيها عن العالم الفيزيائي و الفلكي الانجليزي الذي اكتسب شهرة كاسحة في منصف القرن 20 "جيمس جينز" والذي كان يقزم دور الفلسفة مقارنة بالعلوم الطبيعية، أشار السكران إلى أن الفلك معراج لليقين بوحدانية الخالق كما جاء في القرآن الكريم  (قال تعالى:وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين).
  من خلال قراءتي لهذا الكتاب يظهر لي أن كاتبه مشبع بالثقافة في عدة مجالات له أسلوب شيق في سرد معلوماته بعيد عن الملل والتكرار غير المدروس ،اتمنى أن تنتشر هذه النوعية من الكتب ﻷنها بحق قيمة و ممتعة في الوقت ذاته.





الصورة من goodreads

لديك سؤال؟ دعنا نساعدك بالاتصال بنا عبر صفحة خدمات